منذ ان داهمتنى هذه الروح وانا معذب بها ترتدى مسوح قط اسود بلا ذيل يتركنى نائما جسدا بلا حراك يهيم بالليل يتسكع بالشوارع ويعتلى اسطح البيوت الواطئه يتسلل الى قاعات الطعام بها يتشمم روائح الطعام وطواجن اللبن المحلوب من ضروع الابقار والجاموس يلتهم الطعام ويلغ بلسانه الصادى فى طواجن اللبن وهو يحذر ان يراه احد من اهل البيت والا كان جزاؤه الضرب بعقب مكنسه او نهايه مدببه لعصا غليظه فاتالم ويان لها جسدى فيما تترك الضربه اثرا واضحا على جسدى الممدد بلا حراك عندها يركض عائدا كروح الى جسدى الممدد استيقظ فى الصباح ووجع الضربه مازال فى جسدى اذهب الى امى واشكو لها وجعى ارفع طرف جلبابى واعرى لها ظهرى فترى بوضوح الكدمه الحمراء فتقول بجزع – ياحبيبى يابنى مين اللى عمل فيك كده ؟ اقول لها – زينب العمشه مرات عبد الصمد يامه ترد بغيظ وحنق – طب ودين النبى لما اشوفها العمشه دى تاخذنى فى حضنها وتمسح بيدها على راسى ثم تقول – كان لازم يابنى تروح عندها ؟ تنهض وتحضر لى ضمادات الشاش والسائل الازرق تضعهما فوق جروحى فاشعر ببعض الراحه اخرج الى الشارع وامضى سحابه النهار فى اللعب مع العيال استشعر فقد اخى التوام مات عقب ولادتنا مباشره وبقيت انا وحدى ينادوننى العيال بالقط يعايرنى اخر – ياحرامى امى بتقول انك شربت اللبن بتاعنا اتالم واذهب الى امى فتطيب خاطرى وتقول لى – معنتش تلعب معاهم تانى فانكمش على نفسى بالدار برهه وتاتى جمالات العايقه تدخل الدار وتسلم على امى اسمعها وهى تحكى لها عنى – ابنك شرب اللبن كله اللى عندى وددت لو رددت عليها وجرستها فى البلد فلقد رايتها بالامس وهى فى احضان رجل غريب داخل عشتها فى اول البلد وعندما لمحتنى قذفتنى بفرده حذائها فهربت مسرعا وهاهى تاتى لتطمئن انى لم افضح امرها اسرار كثيره تتكشف لى فى ليل القريه وانا اجوس فى الطرقات وداخل سراديب البيوت وعلى نواصى الطرقات منذ ايام رايت شحاته ابو خليل امين الشونه الزراعيه وهو يسرق اجوله الذره هو ومجموعه من رجاله فى الهزيع الاخير من الليل وقفت انا ومجموعه من القطط نموء حولهم بصوت عال فى محاوله لتنبيه احد لكنه امر احد رجاله بتفريقنا بالعصا فجرينا كل فى طريق بيوت كثيره تعرفنى منهم الصالح والطالح ومن يعرفنى يتركنى اتناول الطعام بشرط ان لااخدش وجه اللبن فى الاناء وان ااكل من امامى ومن ينكرنى يذيقنى من صنوف الضرب الوانا كثيره ظللت هكذا حتى جاء يوم كنت نائما بمفردى فى قاعه الفرن داهمتنى الروح ولبست مسوحها ككل ليله خرجت الى الشارع احسست بالجوع يقرصنى فرحت اموء واموء صائحا وانتصبت شعيرات شواربى ورحت اتشمم على البعد روائح الطعام خلف البيوت المغلقه وجدتنى اعتلى دار الخاله نبويه تسللت فوق سطحها البوص ونزلت بحذر فى صحن الدار ورحت ادور بداخله وجدت البنت عزيزه بنتها نائمه وجهها كالبدر اتامل فى وجهها اه كم احبها هذه البنت عندما كنت العب معها بالنهار تظل عيناى معلقه بوجهها لكنى لااملك ان احادثها اقترب منها واتشممها تبدو كالملاك النائم وددت لو اقبلها واضمها الى لكنى خفت من شواربى ان توقظها تسللت من جانبها ورحت ابحث بين الاوعيه عن الطعام جذبتنى رائحه لحم فعوى الجوع بداخلى بحثت عن مكانه مسترشدا بحاسه شمى القويه قادتنى حاسه الشم الى مكان مرتفع رفعت بصرى الى اعلى الجدار وجدت طاقه (1) بداخله وكان بابها مغلقا قررت ان افتحه رحت اخمشه باظافر يدى وقدماى حتى انفتح بعد جهد كان لمحاولاتى فتح الباب صوتا عاليا ايقظ الخاله نبويه فنهضت من نومها وراحت تتسلل ناحيتى وعندما راتنى داخل الطاقه قالت بحنق هو انت؟ طب ودين النبى لنا حبساك وقبل ان اهرب وجدتها اغلقت الباب على داخل الطاقه الضيقه اظلمت الدنيا فى عينى ورحت اموء واموء بصوت عال واخمش باقدامى الباب محاولا الخروج لكن لاسبيل امامى الى فتحه فيما كان صوت الخاله نبويه بالخارج يصل الى ورنه النصر والتشفى واضحه فيه تملكنى ضيق عارم ياالهى انا لااطيق الحبس فهل اظل هكذا طيله الليل ؟ تبا لهذه الخاله اللعينه لماذا لاتتركنى ولن اعود اليها مره اخرى ؟ وتبا لهذه الروح التى توردنى موارد التهلكه حسنا على ان اتقبل الوضع رحت احاول النوم داخل الطاقه لكن هيهات ان ياتينى النوم مضى وقت طويل وعصيب وفجاه تسلل ضوء واهن من شقوق الباب وحوافه يبدو انه ضوء النهار راح الضوء يزداد ويغمر جو الطاقه برهه وسمعت صوت الخاله نبويه وهى تتثائب وسمعت وقع اقدامها وهى تقترب من الطاقه ورحت اموء صائحا متوسلا اليها ان تفتح لى لكن هيهات تركتنى ومضت فجاه تذكرت امى واخوتى ودارنا وجسدى الممدد هناك بلا حراك ياالهى كيف اعود الى هذا الجسد حتى تدب فيه الحياه والحراك؟ ورايت امى فى الدار تنتظرنى انا اصحو ولكنى كنت امامها جسدا بلا روح جاء اخوتى راحو ينظرون الى الجسد الممدد امامهم لكن لم يجرؤ احد منهم على ان يلامس جسدى والا كان موتى محققا فزعت امى وفطنت الى ماالم بى سمعتها تقول لاخوتى – اخوكم محبوس بره الواد لسه مرجعش ياحبيبى ياضنايا اجروا بسرعه دوروا على اخوكم خرج الجميع وراحوا يسالون فى البيوت تلفعت امى بشالها وراحت تسال الجارات عنى فيجبنها بالنفى وهن يمصمصن شفاههن شفقه وعزاء بى وبامى – ربنا يرجعهولك بالسلامه يتصاعد قلق امى وهى تمر على البيوت حتى وصلت الى اطراف البلد تدنو من بيت الخاله نبويه تطرق على الباب اسمع طرقاتها فاموء فرحا بقرب خروجى تخرج الخاله نبويه وتسالها امى فى لهفه – مفيش قط عندك محبوس هنا من امبارح ؟ ترتبك نبويه وتقول – هو القط اللى انا حبساه ده يبقى ابنك ؟ والنبى ماكنت اعرف وتجرى مسرعه تفتح لى باب الطاقه نظرت اليها وددت لو اخمش وجهها باظافرى لكنى مسرعا رحت اركض واركض فى الحوارى والازقه وفى الدار كانت الروح قد دبت عائده الى جسدى الممدد فعاد الحراك اليه استيقظت وجلست متربعا كانت امى قد عادت لتوها بينما رحت اتوجع واتحسس الالام فى ظهرى وانا اتاوه قائلا – بنت الكلب نبويه يامه حبستنى طول الليل لحد ماضهرى وجعنى اخذتنى امى فى حضنها وهى تقول – ياحبيبى يابنى معلش انشالله تنحبس فى قمقم ماتخرج منه نبويه قادر ياكريم بعدها خرجت الى الشارع وقفت امام باب الدار رميت ببصرى ناحيه الافق مارا بالغيطان والترع كان ثمه قط اسود بلا ذيل يركض هناك وسط الغيطان ظل يركض ويركض حتى غاب عنى وصار نقطه سوداء تلاشت فى الافق عندها تنهدت بعمق وانطلقت اعدو فى الاتجاه الاخر هوامش (1) الطاقه تجويف داخل جدار طينى لحفظ الاشياء